تقرير: “التضخم” و”عدم توافر العملة الصعبة” أبرز مشاكل الاقتصاد المصري
.. في الربع الأول من عام 2023
■خاص خدماتي N
◇ المركز المصري للدراسات الاقتصادية.. معالجة التضخم وتحسين سياسات الاستثمار أهم الأولويات علي أجندة الحكومة
أصدر المركز المصري للدراسات الاقتصادية اليوم الخميس، تقرير بارومتر الأعمال عن الربع الأول من العام (يناير – مارس 2023)، وهو تقرير دورى يقوم به المركز لعينة تضم 120 شركة من شركات القطاع الخاص تغطي مختلف القطاعات والأحجام، ويعكس رأي مجتمع الأعمال بشأن التطورات التي شهدتها مجموعة من المتغيرات، وتحديدا: الإنتاج، والمبيعات المحلية والصادرات، والمخزون السلعي، ومستوى استغلال الطاقة الإنتاجية، والأسعار، والأجور، والتوظيف، والاستثمار، خلال الفترة، وتوقعاته للربع التالى مع مقارنة النتائج بالربع السابق، والربع المناظر (يناير -مارس2022).
واستعرض التقرير عددا من مؤشرات الاقتصاد الكلى عالميا ومحليا فى مصر، والتى اتسمت بارتفاع معدلات التضخم نتيجة سياسات التشديد النقدي واضطرابات القطاع المالى وارتفاع مستوى الديون عالميا وانخفاض توقعات النمو وفق تقديرات صندوق التقد الدولى، وعلى الجانب المحلي عدلت وكالة ستاندرد آند بورز نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من مستقرة إلى سلبية مستندة في ذلك إلى حاجة مصر المرتفعة لتمويلات خارجية وتأخرها في تبني إصلاحات هيكلية مما يزيد من ضغوط تخفيض قيمة العملة، بينما أبقت على تصنيف مصر الائتماني عند مستوى ’B/B’، وتلتها وكالة فيتش للتصنيف الائتماني والتي خفضت تصنيفها للاقتصاد المصري من “B+” إلى “B” وعدلت نظرتها المستقبلية من مستقرة إلى سلبية؛ وذلك لما تشهده مصر من ارتفاع متطلباتها التمويلية والضبابية الشديدة التي تحيط بمسار سعر الصرف وانخفاض الاحتياطيات الدولية الوقائية بالإضافة إلى مخاطر استدامة الدين في المدى المتوسط .
واستمر الانكماش الذي يشهده القطاع الخاص غير النفطي في مصر على مدار العامين الماضيين؛ فلا تزال قيمة مؤشر مديري المشتريات دون 50 نقطة (المستوى المحايد) حيث سجل المؤشر 47.3 نقطة في أبريل 2023. ويرجع هذا الانكماش إلى أسباب محلية من أهمها سياسات التشديد النقدي التي ينفذها البنك المركزي لكبح التضخم، واستمرار اضطرابات سلاسل الإمداد المحلية مع تصاعد الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه واستمرار مشكلة عدم توافر العملة الأجنبية، وبالتالي صعوبات في استيراد مستلزمات الإنتاج المستوردة، هذا بجانب أسباب عالمية ترتبط بتباطؤ الاقتصاد العالمي، وبتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وبسياسات التشديد النقدي.
وحول أهم نتائج التقرير؛ على جانب تقييم الأداء أفاد مجتمع الأعمال أنه لا يزال يواجه مزيجا غير موات من الظروف المحلية والعالمية؛ فعلى الرغم من انخفاض حدة الاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية والتحسن الطفيف في معدلات التضخم إلا أنه لا يزال هناك صعوبات محلية ضخمة من أهمها تراجع الطلب نتيجة ارتفاع التضخم، بالإضافة إلى صعوبة توافر العملة الصعبة، والتفاوت الكبير بين سعر الصرف الرسمي وغير الرسمي وما يتبع ذلك من عدم استقرار في الأسواق.
وسجل مؤشر الأداء خلال الربع الحالي 50 نقطة (المستوى المحايد). ويعكس هذا الأداء بالأساس القفزات الكبيرة في مؤشري أسعار المدخلات والأجور ومن ثم مؤشر أسعار المنتجات النهائية أي أنه ليس مدفوعا بتحسن باقي المؤشرات الخاصة بالإنتاج والتصدير والمبيعات ومستوى استغلال الطاقة الإنتاجية.
وأوضح التقرير ، أنه نظرا لاستمرار الظروف غير المواتية التي تواجه مجتمع الأعمال، سجل مؤشر توقعات الأداء حيال الربع (أبريل – يونيو 2023) 51 نقطة، متجاوزا المستوى المحايد بنقطة واحدة، وهو أداء أقل من مثيله في الربعين السابق والمناظر، وتعكس قيم المؤشر توقعات معظم شركات العينة بثبات الأداء على حاله خلال الربع القادم وعدم تحسن الأداء.
- ورصد التقرير أهم المعوقات التي واجهت مجتمع الأعمال خلال الربع محل الدراسة، فلا يزال التضخم يتصدر قائمة المعوقات لكافة الشركات للأسباب المحلية والعالمية سالفة الذكر، يليه عدم استقرار سعر الصرف والذي يتسبب في معاناة مجتمع الأعمال، خاصة وأن معظم مستلزمات الإنتاج مستوردة.
- هذا إلي جانب وجود أكثر من سعر صرف بالسوق خلق تشوها في الأسعار، وزاد من اضطراب السوق، يليهما ارتفاع تكاليف الإنتاج نتيجة زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج بشكل جنوني، خاصة المستوردة، وارتفاع أسعار الشحن البحري، واضطراب سلاسل الإمداد عالميا، ونقص الخامات وزيادة أسعارها، بالإضافة إلى الارتفاع المتكرر في أسعار الطاقة والنقل، فضلا عن ضعف القوة الشرائية. وأخيرا، أشارت بعض الشركات إلى أن تأخر برنامج الطروحات الحكومية يؤثر سلبا على بيئة الأعمال وجدية الدولة في إفساح المجال للقطاع الخاص.
وعن أهم أولويات تحسين مناخ الأعمال في مصر من وجهة نظر شركات العينة؛ فقد استمرت معالجة ارتفاع معدلات التضخم على رأس الأولويات التي يجب التركيز عليها خلال الفترة القادمة لما له من تأثير سلبي على كافة القطاعات. يليها تحسين سياسات الاستثمار مع ضرورة مشاركة ممثلي مجتمع الأعمال من مختلف الأنشطة في وضع استراتيجية لتحديد المجالات المستهدفة والسياسات المطلوبة، وظل تحسين آليات التحول الرقمي للخدمات الحكومية أولوية لتحسين مناخ الأعمال في مصر لما يترتب على ذلك من تيسير الإجراءات الحكومية والقضاء على البيروقراطية وتقليل القطاع غير الرسمي لكافة القطاعات، واستمر طلب مجتمع الأعمال بتطوير المنظومة الضريبية والحد من زيادة الوعاء الضريبي.