اقتصادالأخبارالعالم الآنبنوك وتأمينبورصة

تحذير صندوق النقد: تصاعد التوتر بين أمريكا والصين يقرب العالم من “حرب تجارية” جديدة

تقرير خدماتي نيو

في سياق تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، أطلقت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، تحذيرًا قويًا للدول بضرورة ضبط النفس وتوخي الحذر، محذرة من أن أي تصعيد إضافي في الرسوم والقيود التجارية قد يدفع العالم نحو حرب تجارية أوسع النطاق. تأتي هذه التصريحات في خضم مواجهة متجددة بين القوتين الاقتصاديّتين الأكبر، والتي تلقي بظلالها على آفاق النمو العالمي.

تحليل التصريحات والمخاطر المحتملة

أشارت جورجييفا ، إلى أن الاقتصاد العالمي، وإن بدا قادرًا على تحمّل الضغوط الناتجة عن الرسوم الأميركية هذا العام، فقد بلغ مرحلة “الحذر الواجب”. فقد أرجعت عدم وقوع اضطرابات كبرى إلى امتناع معظم الدول عن اتخاذ ردّات فعل انتقامية، مما ساهم في تهدئة بعض المخاوف.

لكنّها حذرت من ، أن الوضع ليس مستقراً بشكل مطلق: إعادة توجيه السلع الصينية إلى أسواق بديلة في آسيا وأوروبا تُعدّ تجاوبًا تكتيكيًا، لكنها قد تُولّد ردود فعل حمائية جديدة من الدول التي ترى في ذلك تهديدًا لمنتجاتها المحلية أو توازن التجارة لديها.

وأضافت ، أن في حال فرضت تلك الدول رسومًا جديدة انتقامية، فإن “خطر اندلاع حرب تجارية تنتقل من منطقة إلى أخرى” يصبح أكثر واقعية — أي أن الخطر لم يعد مجرّد كلام، بل احتمال ينبغي استيعابه ضمن السياسات الاقتصادية العالمية.

كما تسلط تصريحات غورغييفا الضوء على أن الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي وبنك الدولي (IMF/World Bank meetings) شهدت تصاعدًا في الخلاف التجاري، خاصة مع إعلان الصين لقيود تصدير جديدة على المعادن الأرضية النادرة، ورد فعل من واشنطن بتهديدات رسوم إضافية. هذا التوتر اقتحم نقاشات النمو العالمي خلال الاجتماعات الأخيرة.

الأبعاد الاقتصادية والإقليمية

من جهة النمو العالمي، تُشير بيانات حديثة من صندوق النقد إلى أن توقعات النمو العالمي لعام 2025 قد بلغت نحو 3.2٪، مع تحذير بأن التصعيد التجاري قد يكون من عوامل التراجع المحتملة للنمو إذا تحولت القيود إلى سلسلة ردود فعل متتالية.

كما رصدت تقارير رويترز أن فرض قيود التصدير من الصين على المعادن النادرة أثار انتقادات من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ووصف البعض هذه الخطوة بأنها “احتكار معاصر للتكنولوجيا وسلاسل الإمداد” .

من منظور إقليمي، الدول النامية والأسواق الناشئة (بما فيها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) معرضة لآثار غير مباشرة: زيادة الرسوم أو قيود التصدير قد ترفع تكاليف الاستيراد أو تضعف فرص التصدير البديلة، مما يزيد من المخاطر التضخمية ويقلل من الحوافز الاستثمارية في قطاعات تعتمد على سلاسل الإمداد العالمية.

التوصيات السياسية المقترحة

بناءً على هذا التحليل، يُمكن اقتراح عدد من التوصيات للدول أو لصانعي القرار:

تعزيز التنسيق الدولي: عبر آليات متعددة الأطراف (مثل منظمة التجارة العالمية، منتديات اقتصادية إقليمية) لتقليل احتمالات الردود الانتقامية وفتح قنوات حوار بدلاً من اتخاذ إجراءات عقابية.

تنويع سلاسل التوريد: خاصة للدول النامية لتقليل الاعتماد على سوق واحد أو مصدر وحيد للمدخلات الصناعية أو التكنولوجية، وتخفيف الاعتماد على السلع المستوردة ذات القيود المحتملة.

إعداد سياسات حمائية ذكية: بمعنى وضع ضوابط احترازية لا تفقد الصادرات تنافسيتها، مع متابعة دقيقة لتأثير الرسوم أو القيود على القطاعات الحساسة.

مراقبة التدفقات المالية والتجارية في سوق بلدانهم، وتقديم تحليلات دورية للاقتصاد الكلي بشأن ضغوط الرسوم والتكاليف المستجدة من البعد الخارجي.

في ظل هذه البيئة العالمية المتقلبة، يبقى أن على كل دولة — خصوصًا في العالم العربي والأسواق الناشئة — أن تنظر إلى هذه التوترات ليس كمشهد بعيد، بل كمخاطر قد تؤثر في تكاليف الاستيراد، فرص التصدير، وحتى سياسات النقد والتضخم المحلية. فالسؤال الحقيقي: هل تمتلك بلدك (مصر أو غيرها) مرونة كافية لمواجهة أية موجة تصعيد تجاري؟

إن التفكير الآن في بدائل استراتيجية وتنويع الأسواق قد لا يكون خيارًا رفاهيًّا، بل ضرورة استباقية لمحميّة اقتصادية مستدامة.