خاص المرصد
أكد الدكتور محمد عمران رئيس هيئة الرقابة المالية أن الجهود المبذولة لتخضير النظم المالية ومن ضمنها القطاع المالى غير المصرفي لم تعد خياراً امام الدول مع تبدل أنماط الطقس ليصبح أقل استقرارًا وفقا لما تشير إليه الدراسات البيئية، وزيادة إدراك خطر التغير في المناخ على المجتمع ككل بعد أن أصبح الضرر البيئي الناجم عن أنشطة الأفراد والصناعات غير قابل للإصلاح.
وقال رئيس الهيئة أن استعدادات القطاع المالى غير المصرفي لمواجهة ذلك التحدي قد بدء بنشر الوعي وتسليط الأضواء على وجود ارتباط قوى في العبء المالي الذى يتحمله الاقتصاد على المستوى البيئي والاجتماعي والمؤسسى نتيجة للمخاطر المرتبطة بالمناخ، وأن ذلك العبء قد زاد تحت وطأة انتشار جائحة فيروس كورونا وتراجع الجهود المبذولة لمواجهة التغير المناخي، مما استدعى الرقيب في مصر أن يتوجه نحو تدشين عدد من المبادرات لاحتواء أثار الأزمة-تماشياً مع سياسة الدولة المصرية- وأن يضاعف من جهوده المبذولة لقيادة القطاع المالى غير المصرفي نحو تبنى الاستدامة والتي بادر بها منذ عام 2018، حيث تم الانتهاء من وضع تصنيف للمشاريع الخضراء وقدم دليل للمستثمرين لإصدار السندات الخضراء، كما حدد مجلس إدارة الهيئة قائمة مراقبى البيئة الدوليين المستقلين والتى يمكن للجهات الراغبة فى اصدار السندات الخضراء الاختيار من بينها بهدف تفعيل اصدارات السندات الخضراء داخل الاقتصاد المصرى ،وأخذ بزمام المبادرة لتوحيد الجهود في الأنشطة المالية غير المصرفية مع المبادرة المالية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP-FI ، وتم التنسيق مع الاتحاد المصري للتأمين لوضع استراتيجية تأمين مستدام لمصر تدخل حيز التنفيذ في القريب العاجل، وبالتزامن مع ذلك نفذت سلسلة من ورش العمل والندوات –افتراضيا وواقعياً- للعمل على تضمين التمويل المستدام داخل الجهات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية.
وبحسب عمران لا يزال هناك الكثير الذي يتعين إنجازه، وسيكون الإنجاز الأكبر في دمج التمويل المستدام في القطاع المالي غير المصرفي.
جاء ذلك خلال مشاركته في فعاليات مؤتمر البنك المركزي لدولة الإمارات العربية المتحدة المنعقد في دبى تحت عنوان “مستقبل النظام المالى” على مدار يومى13-14 أكتوبر 2021، بمشاركة ممثلي كبرى المؤسسات المالية العالمية وكبار المسؤولين الحكوميين من دول العالم المختلفة و الأكاديميين، وخبراء الصناعة المالية وكبار، لمناقشة القضايا الرئيسية التي تواجه التمويل الحديث في مرحلة ما بعد جائحة كورونا، وذلك على هامش فعاليات معرض EXPO 2020.
وأوضح د. عمران أن مصر تُعد من أوائل الدول في الشرق الأوسط التي بادرت بمطالبة الشركات المقيدة في البورصة المصرية، والشركات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية بتقديم تقارير إفصاح بيئية ومجتمعية وحوكمة ذات صلة بالاستدامة (معايير ESG) Environmental Social and Governance- بداية من عام 2023- وأخرى متعلقة بالآثار المالية للتغيرات المناخية تمثل توصيات TCFD)) Task Force on Climate Financial Disclosure للشركات الكبيرة ، مما جعل سوق رأس المال المصرى أكثر جاذبية للعديد من المؤسسات المالية الدولية المهتمة بالتمويل الأخضر، ويؤهلها للانخراط في عمل شراكات مع أطراف دولية مهتمة بدعم مشروعات صديقة للبيئة، وبتلك الخطوة استطاعت الهيئة أن تقفز بالقطاع المالى غير المصرفي لمكانه متقدمة بعد الاتحاد الأوروبي تتطابق رؤيته مع التوجهات والمبادرات العالمية التي تسعى إلى تقليل آثار تحديات مخاطر المناخ إلى الحد الأدنى وتهتم بتنمية المجتمع الذي تعمل به والتي لها أثر مباشر على صحة الانسان والبيئة والمناخ.
كما أشار د. عمران إلى حرص الهيئة على إنشاء الرقابة المالية للمركز الإقليمي للتمويل المستدام ليلعب دوراً حيوياً فى نشر الوعي بالتنمية المستدامة وتعزيز ثقافة الاقتصاد الأخضر داخل القطاعات المالية غير المصرفية، والاستعدادات التي تُجرى –حالياً-لإطلاق منصة إلكترونية لعرض الاتجاهات والتطورات في مجال التمويل المستدام وذلك تتويجاً لمجهودات الهيئة في دمج مبادئ التنمية المستدامة في القطاع المالي غير المصرفي، وخاصة بعد الإنتهاء من صياغة الإطار التشريعي المنظم للتمويل الأخضر والذي تناولته المادة رقم (35 مكررا 3) من اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 و نظمت في بنودها إصدار سندات وصكوك تمويل خضراء تخصص حصيلتها لتمويل وإعادة تمويل المشروعات الخضراء الصديقة للبيئة.
ونوه بنجاح الرقابة المالية في إتمام الموافقة على الإصدار الأول من السندات الخضراء للشركات في سوق رأس المال المصري بقيمة 100مليون دولار لإحدى الشركات المقيدة في البورصة المصرية حيث يتم توجيه حصيلة الإصدار لتمويل مشروعات بيئية من شأنها استعمال الطاقات النظيفة والتخفيف من العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع حرارة الأرض في عدد من المشاريع الخضراء القائمة بما في ذلك المباني الخضراء والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وذلك في نقلة نوعية للأنشطة المالية غير المصرفية كي تتماشى مع التوجهات والمبادرات العالمية التي تسعى إلى تقليل آثار تحديات مخاطر المناخ إلى الحد الأدنى والحَد منها على المدى الطويل.