مصر تطلق تقرير “الجاهزية الوطنية للذكاء الاصطناعي” بالتعاون مع اليونسكو والاتحاد الأوروبي

» كتب: محمود زكريا
شهد مركز إبداع مصر الرقمية بالجيزة احتفالية كبرى لإطلاق تقرير تقييم الجاهزية الوطنية للذكاء الاصطناعي، بحضور الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وبالشراكة مع مكتب اليونسكو الإقليمي وبدعم من الاتحاد الأوروبي. ويعد هذا التقرير من أوائل التقييمات التي تُجرى في المنطقة العربية، في خطوة تؤكد التزام مصر ببناء منظومة ذكاء اصطناعي مستدامة وأخلاقية.
تقييم شامل ورؤية مستقبلية
أوضح الدكتور عمرو طلعت، أن التقرير يمثل أداة تشخيصية دقيقة لرصد التحديات والفرص ومكامن القوة في مجال الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أنه يعكس ملامح تطبيق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في مرحلتها الأولى. ويركز التقييم على خمسة محاور رئيسية تشمل: الأطر القانونية والتنظيمية، الجوانب الاجتماعية والثقافية وسد الفجوة الرقمية، البحث العلمي والتعليم والابتكار، الأبعاد الاقتصادية لتوظيف الذكاء الاصطناعي في القطاعات الإنتاجية والخدمية، وأخيرًا البنية التحتية الرقمية والتقنية.
وأكد الوزير ، أن التوصيات التي خرج بها التقرير ستُدرج ضمن النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية (2025 – 2030)، حيث تركز على ثلاثة محاور أساسية هي: تطوير الأطر التنظيمية، تعزيز الإطار المؤسسي، وبناء القدرات البشرية المتخصصة.

مشروعات وتطبيقات عملية
استعرض وزير الاتصالات أبرز المشروعات التي نفذتها الدولة في هذا المجال، ومنها تطوير تطبيق لتحويل الصوت إلى نص بدقة تجاوزت 96% تم استخدامه في قطاع العدل، بالإضافة إلى تطبيق للكشف المبكر عن بعض الأمراض واسعة الانتشار. كما أشار إلى التوسع في توفير قدرات حوسبة فائقة تُتاح للشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، بما يدعم بيئة الابتكار المحلي.
وأوضح طلعت، أن الوزارة تستهدف تخريج نحو 30 ألف مهندس عالي التخصص في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، بجانب التوسع في برامج محو الأمية الرقمية، خاصة بين النساء في الريف والحضر، لبناء وعي مجتمعي متكامل حول فوائد هذه التقنيات ومخاطرها.
كما تعمل الوزارة على دمج الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، إلى جانب برامج تدريبية متخصصة لأعضاء الهيئات القضائية والمحامين، ومسابقات وطنية تشجع مختلف الفئات العمرية على الابتكار والبرمجة.
إشادة أممية ودولية
وفي كلمة عبر الفيديو، أكدت ليديا بريتو، مساعدة المدير العام لليونسكو لقطاع العلوم الاجتماعية والإنسانية، أن التقرير يعكس التزام مصر ببناء منظومة ذكاء اصطناعي أخلاقي وشامل، محذرة من المخاطر المرتبطة بغياب الأطر التشريعية التي قد تؤدي إلى تعميق فجوات عدم المساواة وتقويض حقوق الإنسان.
من جانبها، أوضحت نوريا سانز، مديرة مكتب اليونسكو الإقليمي في مصر والسودان، أن التقرير يتيح لمصر المشاركة في حوار عالمي مع أكثر من 70 دولة طبقت المنهجية نفسها، مؤكدة أن ذلك يسهم في إثراء التجربة الوطنية ويعزز تطبيق الاستراتيجية الوطنية في نسختها الثانية.
مصر.. رائد إقليمي في التحول الرقمي
يُعد انخراط مصر في منهجية تقييم الجاهزية للذكاء الاصطناعي (RAM) تأكيدًا على مكانتها كقائد إقليمي في مجال التحول الرقمي المسؤول، وتجسيدًا لالتزامها بالحوكمة الأخلاقية. كما يفتح التقرير المجال أمام نشر أوسع لنتائجه بين مختلف القطاعات، ويعزز الحوار الوطني حول مستقبل الذكاء الاصطناعي.
وقد شهدت الفعالية حلقة نقاشية بعنوان “مسار مصر نحو الذكاء الاصطناعي المسؤول” بمشاركة خبراء من اليونسكو، الاتحاد الدولي للاتصالات، الجامعة العربية، ووزارة الخارجية المصرية، بجانب ممثلين عن القطاع الخاص ورواد الأعمال الشباب.
خطوات ملموسة نحو المستقبل
تضمن التقرير الإشارة إلى إنجازات مصر في هذا الملف، مثل تشكيل المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي عام 2019، وإطلاق النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية (2025-2030). كما أكد على أهمية الموازنة بين الابتكار ومتطلبات الأخلاقيات في استخدام الذكاء الاصطناعي، بما يضمن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
واختُتمت الاحتفالية بمشاركة واسعة من ممثلي الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، والعديد من المؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني، الذين أكدوا على أن مصر تمضي بخطى واثقة نحو ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للذكاء الاصطناعي، عبر سياسات عملية، ومبادرات مبتكرة، وشراكات دولية راسخة.





